في 16 نوفمبر من كل عام، يحتفل العالم بـ”اليوم العالمي للتسامح”، وهي مناسبة تهدف إلى تعزيز قيم التسامح والتفاهم بين الثقافات والأديان والشعوب. يُعد التسامح حجر الأساس للتعايش السلمي بين الأفراد والمجتمعات، وهو قيمة تتجلى في قبول الآخر واحترام اختلافاته الفكرية والدينية والثقافية. في هذا اليوم، يتم تسليط الضوء على أهمية بناء مجتمع متسامح يعزز التعاون والعمل المشترك بين الناس.
وفي هذا السياق، يعتبر التسامح أيضًا ركيزة أساسية في العمل الخيري، حيث يعبر التبرع والمساعدة عن تسامح الفرد مع ظروف الآخرين وحاجاتهم. تطبيقات مثل “أي خير” تسهل هذا النوع من العطاء، مما يعزز دور التسامح في المجتمع من خلال نشر ثقافة العطاء والمساهمة في دعم الفئات المحتاجة.
يعتبر الإسلام من الديانات التي جعلت التسامح جزءًا لا يتجزأ من تعاليمه. ففي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، توجد العديد من النصوص التي تدعو إلى التسامح والعفو، وتحث على التعامل بروح المودة والرحمة مع الآخرين. قال الله تعالى: “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” (فصلت: 34)، في هذه الآية توجيه واضح بالرد على الإساءة بالإحسان، وهو أحد أوجه التسامح الكبرى التي يبرزها الإسلام.
النبي محمد ﷺ كان قدوة في التسامح، فعندما فتح مكة، عفا عن أهلها رغم ما فعلوه به وبأصحابه، قائلاً: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”. هذه الحادثة التاريخية تُظهر مدى عمق مفهوم التسامح في الإسلام، الذي يتجاوز مجرد العفو إلى المساهمة في بناء علاقات مبنية على الرحمة والمودة.
يشدد الإسلام على التسامح بين الأديان، مؤكداً على ضرورة احترام الآخرين وحرية اعتناقهم ما يؤمنون به. جاء في القرآن الكريم: “لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ” (الكافرون: 6)، وهو مبدأ يرسخ احترام حرية العقيدة ويعزز التسامح بين أتباع الديانات المختلفة.
على مر التاريخ الإسلامي، تعايش المسلمون مع أتباع ديانات أخرى بسلام، وتكررت النماذج التي تعكس روح التسامح الديني. هذا التسامح يتماشى مع تعاليم الإسلام التي تدعو إلى التعامل بعدل واحترام مع غير المسلمين، وهي قيمة جوهرية في بناء مجتمعات متنوعة ومتعايشة.
التسامح والعمل الخيري يرتبطان ارتباطًا وثيقًا، فالتبرع والمساعدة هما تعبير عن التسامح مع ظروف الآخرين وتقبل احتياجاتهم والتعاطف معهم. العمل الخيري يعزز من روح التسامح من خلال تقديم يد العون دون النظر إلى العرق أو الدين أو الجنس.
تطبيق “أي خير” يُعتبر وسيلة حديثة لتعزيز التسامح والعطاء في المجتمع، حيث يُسهل عملية التبرع ويوجهها نحو المشاريع التي تحتاج دعمًا أكثر، سواء كانت في مجال الرعاية الصحية، التعليم، أو حالات الطوارئ. هذا الشكل من العطاء يعزز من التفاهم المتبادل ويقوي العلاقات الاجتماعية بين الأفراد.
التسامح لا يعبر فقط عن قبول الآخرين، بل هو أيضًا تعبير عن نقاء النفس وقوة الأخلاق. يقول النبي ﷺ: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”، وهي دعوة لأن يكون التسامح جزءًا من سلوك المسلم اليومي، سواء مع أفراد المجتمع أو في التعاملات الشخصية.
من خلال تعزيز التسامح في المجتمع، نخلق بيئة يسودها السلام والتفاهم، ويصبح من الأسهل حل النزاعات بطرق سلمية وبناءة. التبرع والعمل الخيري هما تطبيق عملي لهذه القيم، حيث يُظهر الأفراد قدرتهم على العطاء والتسامح مع أوضاع الآخرين، مما يؤدي إلى تعزيز الروابط الإنسانية.
من أعظم مظاهر التسامح هو استخدامه كأداة لحل النزاعات. قال الله تعالى في القرآن الكريم: “وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ” (الأنفال: 61). التسامح يسهم في الوصول إلى حلول عادلة للنزاعات، وهو بذلك يحافظ على العلاقات ويمنع تفاقم العداوات.
في العمل الخيري، يساعد التسامح على تجاوز أي خلافات قد تعرقل الجهود الإنسانية، ويضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها دون تمييز.
عندما يسود التسامح في المجتمع، تنخفض حدة النزاعات ويسهل التفاهم بين الأفراد، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك ومزدهر. تطبيقات التبرعات مثل “أي خير” تعزز هذا المناخ من خلال توفير وسيلة للجميع للمساهمة في دعم الفئات المحتاجة، دون اعتبار للفروق الثقافية أو الدينية.
العمل الخيري القائم على التسامح يعزز من تلاحم المجتمع، ويجعله أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات المشتركة بروح التعاون.
في النهاية، التسامح ليس مجرد قيمة دينية أو اجتماعية، بل هو أيضًا مفتاح لبناء مجتمع متكافل يعتمد على العمل الخيري والتبرع. الإسلام يدعو إلى التسامح كقيمة أساسية في التعامل مع الآخرين، ويجعل من العطاء جزءًا لا يتجزأ من ذلك. تطبيق “أي خير” يجعل من السهل على الأفراد المساهمة في نشر هذه القيم عبر تقديم التبرعات التي تساعد في تحسين حياة الآخرين، مما يعكس روح التسامح والتعايش.